لم أكن أنوي اكمال الكلام عن ذكريات الحرب،او على الأقل لم أكن أعتقد أنني سأكتب أكثر مما كتبت في الموضوعين السابقين1و2. لكنني وجدت أن هناك أشياءا لم أتطرق لها وقد يكون الكلام عنها يريحني.
سأعترف وأقول انني أخاف. لقد اكتشفت ذلك بعد عودتنا من سوريا وبعد ا نقضاء مدة على انتهاء الحرب. وفي اكثر من مرة أكون جالسة وحدي في الليل أقرأ أو أدرس أو أشهد التلفاز، فأسمع صوت تحليق للطيران (لأن اسرائيل لم توقف اختراقاتها للأجواء اللبنانية)، أو حتى من دون سماع صوت تحليق، ينتقل بي الزمان الى الليالي القليلة التي قضيناها في الضاحية في بيتنا، تلك الليالي المرعبة حقاً. التي كنا نسهر فيها على أصوات القصف المصمة التي تقطع الأنفاس. لم أكن اتخيل انني سأعترف بهذا يوماً، فقد كنت أصطنع الشجاعة، خاصة أمام اخوتي الصغار أو أمام الناس بعد الحرب أو حتى أمام نفسي حتى أقنع نفسي بأنني ربما بطلة تحملت "أصوات" القصف بضع ليالٍ.
لكنني، وبالتحديد قبل طباعة هذه الكلمات، انتبابني نفس شعور الخوف هذا، فقررت الاعتراف. وأتدرون ماذا؟ أحس في مثل هذه اللحظات بأنني ربما مصطنعة أو زائفة أو أقول ما لا أفعل أو سموها ما تشاؤون.. باختصار أحس أنني أمثل.. أعلم أنني ألقي على كاهل أمي خاصة حملاً كبيراً، وهذا ما حاولت افهامي اياه عند رحيلنا الى سوريا. فقد كانت هي مسؤولة عنا، أنا وأخوتي الأربعة، وأنتم تعلمون الأم وقلبها، أرادت أن تحمينا بأي طريقة. وأنا أعذرها تماماً، وأعتقد الآن أن اصطناع الشجاعة في مثل هذه المواقف هو ترف لا أكثر.. لكنني كنت أود لو أنني بقيت في لبنان أيام الحرب، حتى ولو منطقة "آمنة" ان صح القول، ولكن على الأقل أن أبقى في لبنان.
أسأل نفسي أحياناً لماذا أردت البقاء؟
هل لأتهرب من تعليقات بعض صديقاتي اللواتي قد يقلن "هربتو؟! لا نحنا بقينا هون"...
أم لأكسب لقب البطلة، على الأقل أمام نفسي...
أم لأحاول بعجز أن أتوصل ولو لربع ربع مقام أولئك الأبطال على الجبهات...
أحياناً أفكر بعجب كبير، مما صنعت قلوب هؤلاء؟! لا أقصد المجاهدين فقط، بل كل شخص صمد في الجنوب أو الضاحية، كل امرأة كانت تصنع الطعام أو تغسل ثياب المجاهدين...لكل شخص تشرف بخدمة مجاهد أو رؤيته حتى... آه كم تمنيت أن أكون مكان تلك البطلة في قريتنا، التي بقيت هي وبضعة نساء أخريات في القرية يصنعون الطعام "للشباب" ويغسلون ثيابهم ويشجعونهم ويحرسون الأطفال، ليتني كنت معك يا "خديجة"..
أعد نفسي والآخرين بين حين وآخر أنني في الحرب القادمة، لا قدر الله، سأبقى مكاني، لن أتزحزح. وقد قررت من فترة أن أنتسب الى الهيئة الصحية الاسلامية حتى أكون ذات دور ولا أكون قاعدة لا دور لي. علني أتغلب على مشاعر الخوف هذه. فقد استنتجت أيضاً أنه لو كان لي دور أو عمل أقوم به، بدل القعاد، فلربما كنت تغلبت على هذه المشاعر.
وقد اقتعت بأن للحروب نتائج نفسية على الانسان قد تظهر لاحقاً، وهذا ما يجعلني أحياناً أشكر الله على خروجنا من الضاحية بعد تلك الليالي الرهيبة، وكانت أمي تقول لي حتى تشعرني بارتياح وحتى أنسى قصة البطولة، أو حتى لا أشعر بالذنب بأنني تركت وطني في أيام المحن، كانت تقول لي اعتبري يا زينب أننا هكذا نريح المجاهدين من حمل آخر، فهم دائما مشغولي البال على أهلهم وشعبهم ويخافون أن يصيبهم مكروه، وقد يندموا أو يتراجعوا عن قصف الصهاينة ان شعروا ان عدد الشهداء المدنيين يرتفع. وكنت أقتنع بهذه الكلمات...
وأقول لنفسي أنني أردت البقاء علني أموت "أنال الشهادة" لكنني أعود وأقول أنني لن أنال الا ما كتبه الله لي، فإن كتب لي الموت فلست أنا من سيحدد كيف أموت.
ولكن رغم كل ذلك، فإني أتذكر كلما شعرت بالخوف بطولات المقاومة، وان المجاهدين لن يتركونا وحيدين في أي عدوان آخر، وكانت عمليات وصواريخ المجاهدين تشعرني براحة واطمئنان وفخر رغم كل الخوف أو القلق الذي كنت قد أشعر به.
وأنا بكل صدق أدعو الله أن ينيلني شرف الشهادة وأتوسل اليه أن يزيدني ايمانا به وقوة وشجاعة علني ألحق بركب المجاهدات والمجاهدين الأبطال.
الثلاثاء، مارس 13، 2007
ذكريات الحرب 3
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك 7 تعليقات:
شهيدة
بصى الخوف ده شىء طبيعى كلنا بنخاف انا سمعت زمان ان الخايف من حاجة بيعملها كويس لانه بيعملها بدقة عالية علشان كده انتى كمان لازم تحبى بلدك وتخافى عليها هتقدرى تحميها مش شرط بالسلاح والشهادة فى سبيل البلد لا ممكن بالاجتهاد فى العلم تفيدى بلدك اكتر وبالتالى تكونى حولتى خوفك الى حاجة عظيمة لبلدك
Hopefully Zaynab there will no other wars in Liban anymore, no more killing, no more fear, no more running away. This is what we should be hoping for.
We deserve to live in peace, and we deserve to see our children grow up without fear in their eyes.
Liban deserves to have the prosperity that we have been long waiting for. The last thing we need is another meaningless war. Liban has paid the dept, and it is about time we stand on our feet and seek better future.
I stayed in Liban during the war, the whole family refused to go else where, and we refuse to go into another war, at least NOT untill the whole Lebanese agree on such act, and then we would happily be ready to die for our country. And remember that the Lebanese Army, the Lebanese Government and even civiliances played a HUGE role in keeping Liban alive during the last war.
Those murderers who made the ugly bombing in Ain Alak were arrested earlier today, and days will discover who was behind them, and we should all hope that we will be united in BLAMING those who planned for it, and for the whole other assassinations, and we all DEMAND taking them to justice.
That my dear, is something we should be looking for, all of us.
ازيك يا شهيده ,عمله ايه علي فكره هي الحرب كده بس زي مانتي بتكلميني بصراحه انا برضه هاقولك حاجه بصراحه جدا انا بحب لبنان جدا وشفنا شجاعتهم في الحرب لكن شفت حاجات غريب جدا في وسط الحرب تلاقي الناس برضه عماله ترقص في بيروت!!!!ان مشفاهم هو الرقص ده في دم البنانين وعلي فكره كثير من الناس اعرفهم مابيحبوش اللبنانين وخدين فكره غلط عنهم او مش غلط هما بيشووا الحفلات والكلام من ده....
وتحيه لكل مقاوم وكل شهيد ..
تحياتي
شفيق
رح اكتفي ب" الإناء ينضح بما فيه"
ما مرقت عليي الخدعة
يا ريت تحشن ملافظك مش عشاني ولا عشان اللي شتمتو بمدونتكم لانو هوي أعظم من هيك. بس عشانك انت وعشان صورر بلدك يا محترم
محمد
ازيك؟
معاك حق عن الخوف
وأكيد كل الناس كانت خايفة
حتى الأبطال المجاهدين كانوا حاسين بالتوتر
بس يارب أقدر أعمل حاجة عشان اساعد في المقاومة عشان زي ما انت عارف الحرب لسة ما خلصتش
تحياتي ليك
Failasoof
كيفك؟
الحمدلله الحرب "خلصت" بمفهومها الفعلي
بس بعدها مستمرة لليوم وهيدا شي واضح
انشاء الله ما ترجع تتكرر
بس طول ما اسرائيل لازقتلنا على حدودنا الجنوبية ما رح نحس بالراحة أو الأمان
وبالنسبة لموضوع عين العلق
الحمدلله انن اكتسفوا الشبكة يعني هيك اتطمنا شوي وعقبال ما يكتشفوا باقي الجرايم. وان شاء الله ما ياخدوها سياسية ويفكروا منيح فيها ونحنا أول الناس اللي ح"نلوم" المجرمين بكل الجرايم اللي خربت الوطن و نطالب "بمحاكمتهم" كمان وبأقسشى العقوبات
هيك منرتاح ومنعيش مبسوطين ببلدنا
ابن ناصر
نورت المدونة
بالنسبة للرقص
فهوي كان دليل على اننا شعب قوي صحيح أنا حكيت عن الخوف اللي حسيت فيه بالحرب
بس نحنا اللبنانيين صرنا خبراء بالحرب النفسية قبل العسكرية مع العدو. ولما نعبر عن الفرح عند كل انتصار فهيدا بقوينا وبخلي العدو يحتار بهالشعب اللي بيستشهد منو أجمل الشباب وبدل ما يبكوا عليهن بيعملولن أعراس فرح
هيدي فلسفة المقاومة ولانهن هني ناس ما بيعرفوا النصر ولا الرحمة ما بيعرفوا معنى الفرح
متل وقت ما انضربت البارجة "ساعر" بوسط البحر
صارت الناس تفرقع "ألعاب نارية" بعد ما كانت الصواريخ عم تنزل متل الشتا على الضحابة
ما حدا كان مصدق انو هالشي معقول
بس الحمدلله
نحنا أقوياء بمجاهدينا وبسيدنا وبكل المناضلين اللي واقفين معنا ضد عدو الانسانية
بالنسبة لموضوع الفكرة الغلط عن الشعب اللبناني فأنا بدي اكتب عنو موضوع قريبا ان شاء الله
تحياتي
إرسال تعليق