السلام عيكم ورحمة الله وبركاته
أول ما سأكتب عنه هو ربما شيء مضى عليه بعض الوقت، لكني أحببت مشاركته معكم. وهو كيف عشت أنا وعائلتي أيام الحرب.
كنت قبل أيام من بداية الحرب على لبنان أعيش نوعاً من الكآبة أو الأزمة أو سموها ما تشاؤون، وكانت أمي تحتار بي ماذا تفعل كي تزيح عني هذه الغمامة، المهم أنها في النهاية أجبرتني بطريقة أو بأخرى أن أذهب مع أختاي إلى مخيم كشفي للفتيات كي أساعد أختى بقيادة الفتيات في المخيم، وأنشغل عن مشكلتي قليلاً. ذهبت إلى المخيم الواقع في صور شبه مكرهة لأنني لم أشأ أن أخرج من البيت في تلك الأيام. وأود أن أشير إلى أن الشاب الذي أوصلنا أنا وأختي وباقي الفتيات الصغيرات من المدرسة في بنت جبيل، والتي دمرت كليا الآن، إلى موقع المخيم في صور هو الآن في عداد شهداء المقاومة الاسلامية. المهم، وصلنا إلى هناك وبدأت أشعر بارتياح أكبر لاني قابلت بعض الصديقات الكشفيات القديمات وكنا نحن سنتسلم مسؤولية المخيم ومسؤولية أربعين فتاة تقريباً. بدأ برنامج المخيم وبدأت أرتاح اكثر فأكثر حتى نسيت كآبتي كلياً تقريباً، ومضينا أول ليلة لنا في مبني المبرة التي الآن هي مدمرة أيضاً. وفي النهار الثاني استأنفنا برنامج المخيم وتناولنا "الترويقة" وأعطينا الفتيات فترة الاستراحة والتي كانت عبارة عن السباحة في مسبح المخيم الشرعي المخصص للفتيات. ونحن نراقب الفتيات قالت واحدة من المسؤولات عن الطعام في المخيم أن شباب المقاومة أسروا جنديين اسرائيليين، ففرحت فرحة شديدة فقالت لي الأخرى:"مبسوطة؟ عم يقصفو على الجنوب" فقلت لها: "ايه كانوا يقصفوا بلا سبب، خليهن يقصفوا بسبب هلأ" وأكملنا النشاط طبيعياً حتى جاءنا اتصال من المسؤول عن المدينة الكشفية بان نجمع الفتيات ونحضرهم للذهاب إلى بيوتهم. حاولنا اخراج الفتيات من المسبح بدون أن نشعرهن بشيء، لكن تعلمون.. الأخبار تنتشر بسرعة عرفت الفتيات بما يحصل ومنهن من صارت تبكي تريد أهلها أو من هي خائفة عليهم فمنهن من بيتها في عيتا الشعب أو بنت جبيل أو عيناتا أو شقرا أو ميس الجبل، قريتي، وغيرها من القرى والمدن الجنوبية. وراح البكاء يتعالى من الفتيات، " واركضي يا زينب سكتي هاي وهاي.." وبعد ساعة أو أكثر جاءت الباصات لتقل الفتيات الآتيات من مدارس متفرقة. أما الباص المخصص لفوجنا من بنت جبيل تأخر في الوصول. فانتظرنا قليلاً في المبرة وتناولنا طعام الغداء هناك حتى أتى الباص وأخذ الفتيات وبقيت أنا وأختاي في المبرة لأننا كنا نريد الذهاب الى بيروت بعدما انهمرت علينا الاتصالات من جدي وأمي بالنزول الى بيروت. وأشير أيضاً أن الشاب الذي جاء ليعيد الفتيات الى بيوتهن هو أيضا الآن شهيد من شهداء المقاومة.
انتظرنا قليلاً في المبرة حتى جاء المسؤول وأخذنا الى بيته قليلا ثم أمن لنا سيارة تأخذنا الى الطريق العام في صور. وهكذا حصل، ذهبنا الى صور ثم صعدنا في باص من صور الى صيدا ثم من صيدا الى بيروت.وطبعاً كانت الطرقات أطول لأن منها ما كان مهدم بسبب القصف. وطبعاً طوال الطريق كانت الاتصالات تنهمر علينا منها من أبي الباقي في الجنوب ومنها من جدي ومنها من أمي كل خمس دقائق او أقل يطمئنون علينا حتى وصلنا الى بيروت.
كنا في الطريق نفكر في أننا نريد الوصول باكراً حتى نلحق سماع السيد حسن في المؤتمر الصحفي ونعد الدقائق ونتمنى ألا نتأخر. وصلنا الى البيت وسارعنا الى مشاهدة المؤتمر وكحلنا أعيننا برؤية السيد والاطمئنان عليه.
...وبدأت الحرب
كل هذا حصل يوم الأربعاء 12 تموز، أي أول أيام الحرب، كان حقاً يوماً طويلاً لكن جميلاً ومليئاً بالنصر والفخر. وكذا كانت كل أيام هذه الحرب.
في اليوم التالي هدد العدو بضرب الضاحية التي نقطن فيها، فانتظرنا قدوم الليل وتوقعنا أن تبدأ الحفلة قبل الفجر بقليل وكذلك حصل. استيقظنا على صوت الطائرات تقصف جسر المطار القريب من بيتنا عند الساعة الثالثة فجراً تقريباً. وبقينا كذلك حتى الصباح نسمع الانفجار تلو الانفجار، كانت الغارات تلك الليلة تستهدف جسور الضاحية وطرقها الأساسية وكلها قريبة لبيتنا. ومضى النهار حتى وصلت أحلى لحظة في هذه الحرب.
لن أتكلم عنها الآن سأتركها لوقت لاحق...
انتظروا بقية القصة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أول ما سأكتب عنه هو ربما شيء مضى عليه بعض الوقت، لكني أحببت مشاركته معكم. وهو كيف عشت أنا وعائلتي أيام الحرب.
كنت قبل أيام من بداية الحرب على لبنان أعيش نوعاً من الكآبة أو الأزمة أو سموها ما تشاؤون، وكانت أمي تحتار بي ماذا تفعل كي تزيح عني هذه الغمامة، المهم أنها في النهاية أجبرتني بطريقة أو بأخرى أن أذهب مع أختاي إلى مخيم كشفي للفتيات كي أساعد أختى بقيادة الفتيات في المخيم، وأنشغل عن مشكلتي قليلاً. ذهبت إلى المخيم الواقع في صور شبه مكرهة لأنني لم أشأ أن أخرج من البيت في تلك الأيام. وأود أن أشير إلى أن الشاب الذي أوصلنا أنا وأختي وباقي الفتيات الصغيرات من المدرسة في بنت جبيل، والتي دمرت كليا الآن، إلى موقع المخيم في صور هو الآن في عداد شهداء المقاومة الاسلامية. المهم، وصلنا إلى هناك وبدأت أشعر بارتياح أكبر لاني قابلت بعض الصديقات الكشفيات القديمات وكنا نحن سنتسلم مسؤولية المخيم ومسؤولية أربعين فتاة تقريباً. بدأ برنامج المخيم وبدأت أرتاح اكثر فأكثر حتى نسيت كآبتي كلياً تقريباً، ومضينا أول ليلة لنا في مبني المبرة التي الآن هي مدمرة أيضاً. وفي النهار الثاني استأنفنا برنامج المخيم وتناولنا "الترويقة" وأعطينا الفتيات فترة الاستراحة والتي كانت عبارة عن السباحة في مسبح المخيم الشرعي المخصص للفتيات. ونحن نراقب الفتيات قالت واحدة من المسؤولات عن الطعام في المخيم أن شباب المقاومة أسروا جنديين اسرائيليين، ففرحت فرحة شديدة فقالت لي الأخرى:"مبسوطة؟ عم يقصفو على الجنوب" فقلت لها: "ايه كانوا يقصفوا بلا سبب، خليهن يقصفوا بسبب هلأ" وأكملنا النشاط طبيعياً حتى جاءنا اتصال من المسؤول عن المدينة الكشفية بان نجمع الفتيات ونحضرهم للذهاب إلى بيوتهم. حاولنا اخراج الفتيات من المسبح بدون أن نشعرهن بشيء، لكن تعلمون.. الأخبار تنتشر بسرعة عرفت الفتيات بما يحصل ومنهن من صارت تبكي تريد أهلها أو من هي خائفة عليهم فمنهن من بيتها في عيتا الشعب أو بنت جبيل أو عيناتا أو شقرا أو ميس الجبل، قريتي، وغيرها من القرى والمدن الجنوبية. وراح البكاء يتعالى من الفتيات، " واركضي يا زينب سكتي هاي وهاي.." وبعد ساعة أو أكثر جاءت الباصات لتقل الفتيات الآتيات من مدارس متفرقة. أما الباص المخصص لفوجنا من بنت جبيل تأخر في الوصول. فانتظرنا قليلاً في المبرة وتناولنا طعام الغداء هناك حتى أتى الباص وأخذ الفتيات وبقيت أنا وأختاي في المبرة لأننا كنا نريد الذهاب الى بيروت بعدما انهمرت علينا الاتصالات من جدي وأمي بالنزول الى بيروت. وأشير أيضاً أن الشاب الذي جاء ليعيد الفتيات الى بيوتهن هو أيضا الآن شهيد من شهداء المقاومة.
انتظرنا قليلاً في المبرة حتى جاء المسؤول وأخذنا الى بيته قليلا ثم أمن لنا سيارة تأخذنا الى الطريق العام في صور. وهكذا حصل، ذهبنا الى صور ثم صعدنا في باص من صور الى صيدا ثم من صيدا الى بيروت.وطبعاً كانت الطرقات أطول لأن منها ما كان مهدم بسبب القصف. وطبعاً طوال الطريق كانت الاتصالات تنهمر علينا منها من أبي الباقي في الجنوب ومنها من جدي ومنها من أمي كل خمس دقائق او أقل يطمئنون علينا حتى وصلنا الى بيروت.
كنا في الطريق نفكر في أننا نريد الوصول باكراً حتى نلحق سماع السيد حسن في المؤتمر الصحفي ونعد الدقائق ونتمنى ألا نتأخر. وصلنا الى البيت وسارعنا الى مشاهدة المؤتمر وكحلنا أعيننا برؤية السيد والاطمئنان عليه.
...وبدأت الحرب
كل هذا حصل يوم الأربعاء 12 تموز، أي أول أيام الحرب، كان حقاً يوماً طويلاً لكن جميلاً ومليئاً بالنصر والفخر. وكذا كانت كل أيام هذه الحرب.
في اليوم التالي هدد العدو بضرب الضاحية التي نقطن فيها، فانتظرنا قدوم الليل وتوقعنا أن تبدأ الحفلة قبل الفجر بقليل وكذلك حصل. استيقظنا على صوت الطائرات تقصف جسر المطار القريب من بيتنا عند الساعة الثالثة فجراً تقريباً. وبقينا كذلك حتى الصباح نسمع الانفجار تلو الانفجار، كانت الغارات تلك الليلة تستهدف جسور الضاحية وطرقها الأساسية وكلها قريبة لبيتنا. ومضى النهار حتى وصلت أحلى لحظة في هذه الحرب.
لن أتكلم عنها الآن سأتركها لوقت لاحق...
انتظروا بقية القصة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق